في مناورة محبطة جديدة، نظمت الجزائر ما أسمته “يوم الريف”، وهو حدث يظهر النوايا الخبيثة للنظام الجزائري تجاه المغرب، حيث تمثل هذه الخطوة جزءاً من سلسلة محاولات بئيسة سعى من خلالها هذا النظام لتقويض المغرب والتأثير على مكانته الدولية، خاصة مع النجاحات الدبلوماسية التي بات يحصدها مؤخرا.
إحياء “يوم الريف” في هذا الوقت بالذات يشير إلى أنها مجرد مبادرة يائسة من الجزائر لفتح موضوع جديد من شأنه شغل المواطنين المغلوبين على أمرهم و صرف أنظارهم عن المشاكل التي يتخبطون فيها، خاصة بعدما اقتربت المملكة من حسم قضية الصحراء الغربية/المغربية لصالحها.
و إذا كانت منطقة الريف قد عُرفت تاريخيا بأبطالها المقاومين الذين وقفوا الند للند ضد المستعمر، شأنهم في ذلك شأن باقي إخوانهم في مختلف جهات المملكة المغربية الشريفة، الذين دافعوا بشراسة عن هدف واحد وهو إنهاء الاستعمار الإسباني و الفرنسي، فإن محاولات الجزائر لتوظيف هذه الأحداث لأغراض سياسية يكشف بشكل واضح مدى درجة الإفلاس التي بلغها النظام العسكري .
ففي الوقت الذي يسعى فيه المغرب لتحقيق التقدم في مختلف المجالات من خلال استثمارات ضخمة في البنية التحتية، الصناعة، السياحة، الخدمات الاجتماعية، نجد الجزائر تصر على إقحام نفسها في سياسة المناورات والتدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها، في خطوة تنم عن العجز السياسي الرهيب لدى ساكني قصر المرادية.
إن الحملة الإعلامية والسياسية التي تروج فيها الجزائر لما يسمى بـ” الحزب الوطني الريفي”، و استقطاب عدد من “النكرات” و المتابعين قضائيا و تقديمهم في صورة “قادة”، ليست إلا محاولة لتشتيت الأنظار عن الأزمة الداخلية التي يعيشها الشعب الجزائري، والتي تهدد استقرار النظام القائم برمته.
ما يثير الاهتمام أكثر في هذا الموقف هو أن الجزائر، بدلاً من توجيه طاقاتها نحو بناء مستقبل أفضل لشعبها، تفضل تضييع الوقت في إشعال الفتن وترويج الأكاذيب ضد جيرانها. فالجزائر، رغم أنها من الدول التي تتوفر على ثروات طبيعية مهمة، إلا أنها غارقة في أزمات اقتصادية خانقة، يعاني بسببها المواطن الجزائري من ارتفاع معدلات البطالة، انتشار الفساد، ضعف الخدمات الصحية والتعليمية.
و بالعودة لواقع الحكم في الجزائر، فإن المشهد يعرف سيطرة تامة للجيش على الحياة السياسية لا مكان فيه لأي نوع من المعارضة أو التعددية، مع استخدام كل أساليب القمع و التضييق على جميع من جرّب رفض قرارات المؤسسة العسكرية، وهو مؤشر على الغياب الكلي لمفهوم “الديمقراطية” ببلد النفط و الغاز الطبيعي الذي تتحكم فيه عصابة عسكرية باستخدام أيادٍ من حديد.
إن تنظيم ما يسمى بـ “يوم الريف” من قبل الجزائر هو بمثابة جري وراء السراب من طرف نظام يعاني من الانغلاق الداخلي والفشل الذريع في تحقيق تطلعات و آمال شعبه، كما يعتبر أبرز دليل على سعيه لـ “تسميم” العلاقات مع جيرانه والعمل على خلق الفوضى في المنطقة المغاربية، إلا أن ذلك لن يثني بطبيعة الحال المغرب من أن يستمر في طريق التقدم والتطور، بعيداً عن كل المكايدات السياسية، و هو ما سيضع “العالم الآخر” في موقف محرج أمام نفسه وأمام المنتظم الدولي.
تعليقات الزوار ( 0 )