جلالة الملك حفظه الله جنب المغرب السكتة القلبية التي كانت تهدد المغرب نهاية التسعينيات من القرن الماضي بينما الحكومات تريد استبدالها بالسكتة الدماغية، ورفع شعار اسقاط النظام ليس في محله بل اسقاط الحكومة هو الشعار المناسب لكون القرارات التي اغضبت المواطنين هي قرارات غير صادرة عن الملك وإنما صادرة عن أعضاء الحكومة سواء عن المجلس الحكومي أو قرارات وزارية فردية، كما أن التظاهر يرتبط بالتنظيم الدستوري للدولة ولا علاقة له بالنظام السياسي للمملكة.
وقد قام جلالة الملك حفظه الله بمجهودات لم يقم بها ملك من قبل، وكل مسؤول في الدولة ازعج المواطنين أو قفز على حقوقهم الدستورية و تسبب في تدهور علاقة الملك بشعبه العزيز لأي سبب كان يجب أن يعاقب بأوامر ملكية وسخط شعبي نظرا لسوء تقديره للمسؤولية وعواقب التسبب في المساس بالثوابت الدستورية، ذلك أن الدولة لا تقوم على المغامرة والمقامرة وبيع حقوق المواطنين، فلم يسمع من جلالة الملك قطعا إلا الكلام الراقي والتوجيهات السديدة والرؤية الحكيمة والإهتمام بشعبه الوفي في جميع المحطات، لكن بعض المسؤولين يستغلون ترفع جلالته وحسن نيته وكرمه وثقته… فينتقمون بطريقتهم الخاصة من الشعب والوطن وسمعة جلالته، ويحولون المسؤولية الملقاة على عاتقهم الى سلطة وتسلط وتعسف واستغلال للنفوذ مما يسيء إلى علاقة الملك الجوهرية بشعبه الوفي، وعليه وجب اتخاذ جميع انواع المقارنة بين أقوال جلالة الملك وسلوكات المسؤولين والنصوص القانونية في مختلف المجالات والدرجات والمؤسسات، كما يمكن الإنصات و الاستماع لنبض الشارع كما تفعل تلك الدول التي أعطي بها المثل واقتبس منها قرار توظيف حاملي الشواهد قبل سن الثلاثين.
وكما هو معلوم فإن العمل السياسي في المغرب ما يزال غير خاضع لأي منطق غير اللعب على التحالفات والمصالح ولا قيمة للمبادئ الدستورية والمواطنة الملتزمة في العمل السياسي، وكل الاحزاب تنتظر اخطاء بعضها لاستبدال عملية التناوب على السلطة لتكريس الفساد والريع مع تغيير الوجوه وتشابه المراحل.
ولا يمكن القبول بالتراجع عن ما حققه المغرب على جميع المستويات، وما يمكن العمل عليه اليوم هو السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي جاءت في تقرير لجنة النموذج التنموي، لكن الحكومة التي مفروض فيها أن تترجم كل السياسات نجدها هي أصل المشكل، ولتفادي المزيد من الاحتقان يجب على الحكومة أن تحتكم في جميع قراراتها إلى إرادة الشعب والى رؤية جلالة الملك الذي بفضله صوت الشعب على الدستور بنسبة 98 في المائة وانتخب على ضوئه البرلمان بغرفتيه بما في ذلك المعارضة لينوب عنه في مساءلة الحكومة، لكن الفراغ في العمل السياسي مرده إلى ضعف دور الأحزاب وصمتها عن الدفاع عن المصلحة العامة مما جعل الشارع حزبا آخرا سيتحول إلى مسكن ومنبر للمعارضة الشعبية و مواجهة القرارات الحكومية غير المبررة قانونا، و تبقى الحكومة مسؤولة عن تصدير صور مغلوطة عن مؤسسات الدولة السيادية أمام الملك وأمام الشعب وأمام البرلمان.
الدكتور أحمد درداري/ رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات
تعليقات الزوار ( 0 )