نشر الأستاذ محمد أزرقان على صفحته عبر موقع التواصل الإجتماعي “الفايسبوك”، تدوينة حول موضوع الحملة الوطنية الداعية إلى انخراط المواطنين في الحجر الصحي، و نظرًا لأهمية ما تضمنه من أفكار و تحليل ارتأينا أن نعيد نشره على موقعنا شمال بريس تعميما للفائدة و إسهاما في إغناء النقاش حول هذا الموضوع.
التدوينة:
لست متأكدا إن كان ” مهندسو” الشعار : “عاون بلادك بقا فدارك” قد درسوا بما يكفي الخلفيات الثقافية الموجهة لسلوك المغاربة في العقود، أو على الأقل خلال السنوات الأخيرة، التي ثبت من خلالها أننا نشهد تراجعا واضحا في نسبة الوعي بالقضايا المجتمعية و معها نسبة الانخراط في مواقف و سلوكات جماعية تعزز الإحساس بالانتماء الجماعي و المصير المشترك، على العكس من ذلك تتناسل أمامنا المناسبات و المواقف التي تؤكد النزوعات الفردانية و أحيانًا الأنانية، و التي يمكن أن تصل إلى حد الانتهازية، لدى المغاربة.
أمام هذه القناعة، أعتقد أنه سيكون من الأفضل تعديل الشعار حتى يؤدي وظيفته التعبوية ليصبح على الشكل التالي: “عاون راسك بقا فدارك”.
هناك سبب ثاني يحد من فعالية الشعار في صيغته الأولى و يفقده قدرته على التعبئة، يتمثل هذا السبب فيما يمكن أن أسميه بتوالي الخيبات التي راكمها المغاربة في تجربتهم مع معظم من توجه إليهم بشعار “نعاونو بلادنا” حيث “تأكد” المغاربة أنهم كلما توجهنا إليهم بلغة “نعاونو لبلاد” أننا في حقيقة الأمر نُضمر توجها مصلحيا ضيقا و تحايلا انتهازيًا يتخفى في عبارات المصلحة العامة و القضايا الكبرى للوطن، ابتغاءاً لكسب فردي أو فئوي لا يفتئ أن ينكشف أمام أول امتحان.
إن توالي الخيبات المترتبة عن مثل هذه السلوكات جعل المغاربة يبدون حساسية مفرطة في التعامل مع كل القضايا التي توظف فيها لغة “عاون بلادك” وهي حساسية قد تنتج عنها أحيانًا ردود أفعال تدفعهم إلى تبني عكس ما ندعوهم إليه، لذلك أعود و أكرر نفس الدعوة إلى تعديل الشعار إن كنا نريد منه أن ينجح في استنهاض انخراط جماعي للمغاربة في هذه الحملة.
السبب الثالث، يتعلق بمكتسبات علم التواصل بشكل عام و التي من ثوابتها أن أي خطاب لكي ينجح لا بد من التوجه به مباشرة إلى الشخص المستهدف و إقناعه بما يمكن أن يترتب عنه من مكاسب مباشرة و ذلك لن يتأتى في نظري إلا بشخصنة الشعار التعبوي و مخاطبة المسؤولية الفردية لكل واحد منا تجاه “ذاته” أولا، بصيغة عاون راسك، دير لخير فراسك، ثُم تجاه “لبلاد” بعد ذلك.
من هذا المدخل فقط يمكن في نظري أن نضمن انخراط المغاربة في “عاون بلادك”.
تعليقات الزوار ( 0 )