كشف تقرير لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، في إطار مهمة استطلاعية حول واقع الأحياء الجامعية بالمغرب، عن جملة من الاختلالات البنيوية والتنظيمية التي تؤثر بشكل مباشر على جودة الخدمات المقدمة للطلبة، وتحد من قدرتهم على متابعة دراستهم في ظروف ملائمة ومحفزة. التقرير، الذي يروم تسليط الضوء على أوضاع هذه الفضاءات الحيوية داخل المنظومة الجامعية، أظهر أن عدداً من الأحياء تعاني من مشكلات في البنية التحتية، وضعف في خدمات الإيواء والمطاعم والنظافة، إلى جانب خصاص في الموارد البشرية وسوء تدبير بعض الجوانب الإدارية.
وشملت الملاحظات التي تم رصدها في هذا الإطار، الاكتظاظ داخل الغرف، وتدهور التجهيزات، وقلة الأمن والمراقبة، فضلاً عن غياب أنشطة ثقافية ورياضية موازية تُسهم في بناء شخصية الطالب وصقل مهاراته. كما أشار التقرير إلى التفاوت بين مختلف المدن والجامعات في ما يخص معايير التأهيل والولوج، مما يخلق نوعاً من الحيف في الاستفادة من هذه الخدمة العمومية الأساسية.
وأكد أعضاء اللجنة في توصياتهم البالغة 18 توصية، على ضرورة التعجيل بإصلاح شامل للحي الجامعي من خلال مراجعة معايير التوزيع والاستفادة، وتأهيل البنية التحتية وتحديث الخدمات المقدمة، إلى جانب فتح الأحياء الجامعية الجديدة وتوسيع الطاقة الاستيعابية، بهدف الاستجابة للطلب المتزايد الناتج عن ارتفاع أعداد الطلبة في الجامعات المغربية.
ودعت اللجنة إلى تحسين الحكامة الإدارية لهذه المؤسسات، واعتماد مقاربة تشاركية بين مختلف المتدخلين، مع إشراك الطلبة في بلورة مقترحات واقعية تستجيب لتطلعاتهم. كما شددت على أهمية إدماج الأحياء الجامعية في السياسات العمومية الخاصة بالسكن والتعليم العالي، باعتبارها رافعة استراتيجية لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الطلبة، ومكوناً أساسياً لتحسين جودة الحياة الجامعية وظروف التحصيل العلمي.
ويأتي هذا التقرير في وقت يعرف فيه التعليم العالي بالمغرب تحولات كبرى، من خلال تنزيل الإصلاحات المرتبطة بالنموذج البيداغوجي الجديد، وتعزيز دور الجامعة كمحرك للتنمية وإنتاج المعرفة. لذا فإن النهوض بفضاءات العيش داخل الحرم الجامعي يُعد ضرورة ملحة لضمان فعالية هذه التحولات، وترسيخ مبدأ العدالة المجالية والاجتماعية في الولوج إلى المعرفة والتعليم.
تعليقات الزوار ( 0 )