مازال قصر المرادية ثابتا في سياسته الخارجية التي تتدخل في شؤون الدول المغاربية، إذ طلب سفير الجزائر بالأراضي الليبية إلغاء وإنهاء نشاط المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، الأمر الذي أثار غضب الحركة الأمازيغية المغاربية التي انتقدت تدخل الجارة الشرقية في أوضاع بلد أجنبي.
وقال المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، في بيان توضيحي، إن “السفير الجزائري بليبيا طلب من وزارة الخارجية الليبية خلال مقابلته بالوزيرة نجلاء المنقوش إنهاء أعمال ونشاط المجلس”، معتبرا الأمر “تدخلا سافرا في الشأن الداخلي الليبي”.
وأضاف المجلس: “أبناء الحركة الأمازيغية الليبية يرفضون أي تدخل في شؤوننا الداخلية”، مردفا: “إنه جسم شرعي منتخب، ويعتبر ممثلنا الشرعي داخل وخارج ليبيا، ولا يحق لكائن من كان (داخلي أو خارجي) إنهاء وجوده”.
واستطرد البيان: “أمازيغ ليبيا ليست لهم أي تدخلات في الشأن الداخلي لأي دولة من دول شمال إفريقيا، خاصة في الشؤون السياسية لتلك الدول، فيما يعتبر التبادل الثقافي بين أمازيغ هذه الدول أمرا مشروعا، ولا يحق لأحد منعنا من ذلك”، وأردف بأن “المشاركة في المهرجانات الثقافية (أدب، لغة، فن، تراث ومناسبات أمازيغية مشتركة) في ما لا يؤثر في سياسات تلك الدول هو أمر مشروع”، مشددا على أن “المشاكل السياسية للحكومة الجزائرية مع المغرب ليست من اهتمامات المجلس”، ليخلص إلى أن علاقته بأمازيغ المغرب هي “علاقات ثقافية وتبادل خبرات في مجال اللغة والثقافة”.
عبد الله بوشطارت، كاتب أكاديمي وباحث إعلامي متخصص في التاريخ، أفاد بأن “التحرك الجزائري يعد بمثابة تدخل سافر وغير مقبول للنظام الجزائري في الشؤون الداخلية لدولة ليبيا ذات السيادة والاستقلالية التامة”، مؤكدا أنه “تدخل يفضح النوايا الخبيثة لنظام العسكر في حق البلد الجار ليبيا”.
وأوضح بوشطارت، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “طلب سفير الجزائر بليبيا من وزيرة الخارجية إنهاء مهام المجلس يفضح نوايا الجزائر الحقيقية تجاه الأمازيغية كقضية إستراتيجية حارقة ذات امتداد اكبير في شمال إفريقيا والساحل، وداخل دول كثيرة في أوروبا وأمريكا”.
وأشار الباحث عينه إلى “الانزعاج الكبير للنظام الجزائري من الأمازيغ في الداخل، خاصة بمنطقة القبايل والمزاب والتوارگ، الذين يعارضون بشدة النظام العسكري الحالي في الجزائر الذي راكم مجازر وجرائم لن تغتفر في حق الأمازيغ”، ولفت إلى “تزايد شعبية حركة ‘الماك’، وهي حركة تقرير مصير شعب القبايل، التي تسعى إلى الانفصال عن نظام العسكر”، مبرزا أن “جاذبيتها تعاظمت بعد تأسيس حكومة المنفى في باريس التي يترأسها الزعيم الأمازيغي القبايلي فرحات مهني”.
وذكر بوشطارت بأن “التقارب الأمازيغي المغربي الليبي يفسر كذلك خلفيات تحركات الجزائر، ذلك أن أمازيغ ليبيا يحظون بمكانة كبيرة وعظيمة لدى أمازيغ المغرب منذ اندلاع الثورة التي كانت بمثابة الخلاص الأخير والانعتاق التحرري التاريخي العظيم لأمازيغ ليبيا، الذين ظلوا يعانون من البطش ومخططات الإبادة والتصفية من النظام البائد”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن “النظام العسكري الجزائري مدمن على التدخل السافر في الشؤون الداخلية لبلدان الجوار، كالمغرب ومالي وتونس وليبيا، وهو أيضا محترف في تصريف أزماته وتناقضاته السياسية الداخلية، في وقت يعاني من تدهور مستمر في مشروعية وجوده السياسي”.
مصطفى شاكري
تعليقات الزوار ( 0 )