في الصفوف الأمامية للمعركة التي تخوضها البلاد قاطبة ضد جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، يبذل صيادلة المغرب قصارى جهودهم وطاقاتهم لترجمة التزامهم القوي اتجاه المواطنين، الذين يرون فيهم، هم من اعتادوا تقديم الاستشارات والنصائح في كل وقت، خير سند في هذه الأزمة العصيبة.
فكان قرار الصيادلة حازما، وعن اقتناع تام، لمواصلة أداء مهامهم بالشكل الأكثر ملاءمة لاحتياجات الزبناء في هذه المرحلة، من داخل صيدلاتهم، التي تعتبر فضاءات صحية وأيضا اجتماعية بامتياز، والتي يصل عددها إلى 12 ألف صيدلية عبر ربوع المملكة، إذ يكثر الإقبال عليها، في الوقت الآني، طلبا لخدمات تتجاوز الطلبات الاعتيادية المتعلقة بالأدوية.
ولمواجهة طلب يفوق المعتاد، عبأت الصيدليات كل الإمكانيات الضرورية للتوفر على مخزون كاف من الأدوية، رغم التهافت الذي لوحظ في الأيام التي تلت الإعلان عن أول إصابة مؤكدة بالفيروس داخل المغرب.
إذ في البداية، شكلت هذه الطلبات الاستثنائية نوعا من الضغط، لكن سرعان ما تم تجاوزه، ليسود مناخ من الثقة في قدرة الصيدليات على توفير كميات وافرة من الأدوية تغطي الاحتياجات خلال هذه الأزمة الصحية.
وفي ما يخص الوقاية من العدوى بفيروس (كوفيد 19)، اتخذت الصيدليات تدابير جد صارمة لحماية صحة مساعديهم وزبنائهم على السواء.
فإضافة إلى اللافتات التحسيسية التي غطت واجهات الصيدليات، عززت هذه الأخيرة أدوات الحماية (قفازات، أقنعة طبية، محاليل هيدرو-كحولية)، علاوة على وضع أشرطة لاصقة على الأرض لتحديد المسافة الواجب احترامها بين كل زبونين اتقاء لانتقال العدوى، دون نسيان إيجاد طريقة مناسبة لتعقيم النقود.
وبهذا الخصوص، أوضح رئيس نقابة صيادلة الدار البيضاء الكبرى ونائب رئيس الفيدرالية الوطنية لنقابات الصيادلة بالمغرب وليد العمري، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الصيادلة “يضطلعون بدورهم كاملا ، وأكثر من أي وقت، وخاصة في ظل الظروف التي تعيشها البلاد حاليا، فنحاول أن نكون حاضرين دائما لإرشاد المرضى، وتقديم النصائح لهم بشأن التوجيهات التي عليهم اتباعها يوميا لتفادي الإصابة بالفيروس”.
وأضاف أنه لهذا السبب، قرر الصيادلة، بكل روح وطنية وتضحية ونكران للذات، اعتماد توقيت جديد للعمل يمكن من توفير الخدمات الصيدلية طيلة اليوم وعلى مدار الأسبوع، خلال فترة الطوارئ الصحية التي أقرها المغرب كإجراء وحيد، لا محيد عنه، كفيل بإبقاء فيروس كورونا المستجد تحت السيطرة.
وقال العمري إن “الـ 12 ألف صيدلية تستقبل يوميا مليون إلى مليوني شخص، ليس فقط لشراء الأدوية، ولكن أيضا للحصول على الاستشارة والتوجيه، وهو الدور الرئيسي الذي تقوم به الصيدليات في هذه الفترة”، داعيا المواطنين إلى المكوث في منازلهم، واحترام إجراءات الحجر الصحي كما يجب للمساعدة في القضاء على الفيروس.
ولاستقبال المرضى في ظل شروط صحة ونظافة سليمة، أكد العمري اتخاذ سلسلة تدابير وقائية، تهم بالخصوص، الحد من عدد الزبناء الذين يلجون إلى الصيدلية، والاحترام التام للمسافة المطلوبة بين كل زبونين، فضلا عن وضع زجاج واق على منضدات البيع، مع تعقيم القطع والأوراق النقدية.
وشدد على أنه “ليس بمقدور كل الصيادلة امتلاك تلك المعدات الوقائية”، مطالبا السلطات العمومية بتقديم العون لهم، وإمدادهم بالوسائل الضرورية (أقنعة طبية، قفازات، محاليل معقمة …)، لحماية المواطنين والطواقم الصيدلية.
ورغم كل المخاطر التي تهددها في عملها، أبانت الصيدليات، التي تعتبر حلقة رئيسية ضمن سلسلة السلامة الصحية، عن حس عال من الوطنية الصادقة، وقدمت مثالا يحتذى به في اليقظة والتأهب لحماية المواطن في هذه الظرفية الحرجة، حريصة على القيام بواجبها الأخلاقي والمهني بكل تفان وتضحية.
تعليقات الزوار ( 0 )