إنجازات أمنية كثيرة عرفها المغرب في السنة الماضية 2024، وتحديات أخرى سيواجهها في السنة الجديدة، خاصة أن عهدا دوليا جديدا يبدأ هذا اليوم بتنصيب رونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، وسنة 2025 هي سنة احتضان المغرب لأشغال الدورة الثالثة والتسعين للجمعية العامة لمنظمة “إنتربول” (المنظمة الدولية للشرطة الجنائية)، كما أن هذه السنة تتميز باحتضان المغرب لتظاهرات رياضية قارية ومؤتمرات دولية، وهو ما يضع على عاتق أجهزتنا الأمنية مسؤوليات كثيرة هي أهل لها.
فعبد اللطيف حموشي، الرجل الذي رسّخ حضور المملكة المغربية كقوة أمنية لا يمكن تجاوزها، يقود اليوم منظومة تُعيد تشكيل التوازنات الإقليمية والدولية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، حيث إن زيارة المفوض العام للاستعلامات بمملكة إسبانيا، خافيير أنطونيو سوزين بيرسيرو، إلى الرباط، والتي جعلت من المغرب أول وجهة خارجية له، تحمل أبعادًا استراتيجية وسياسية تتجاوز الشكل البروتوكولي.
إنها إشارة واضحة إلى مكانة المغرب كركيزة محورية في ضمان الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، ومثال حي على نجاح السياسة الأمنية التي يوجهها الملك محمد السادس، ويشرف على تنفيذها عبد اللطيف حموشي باقتدار.
أن يضع خافيير أنطونيو سوزين بيرسيرو، المفوض العام للاستعلامات بمملكة إسبانيا، المغرب على قمة أجندته الدولية كأول وجهة خارجية له بعد تعيينه، ليس صدفة، بل هو دليل واضح على نجاعة النموذج الأمني المغربي الذي يتميز بالاحترافية والمقاربة الاستباقية.
إن الأجهزة المغربية، التي قدمت معلومات استخباراتية دقيقة ساهمت في إحباط مخططات إرهابية كبرى استهدفت أمن إسبانيا وأوروبا، أصبحت شريكًا أساسيًا في مواجهة التحديات الأمنية المعقدة التي يتشابك فيها المحلي بالدولي، حيث إن هذه المعطيات تؤكد أن الأمن المغربي لم يعد مجرد أداة داخلية لحماية حدود الوطن، بل أصبح قوة دولية فاعلة تُعزز الاستقرار الإقليمي والعالمي.
وما يجعل هذه الزيارة أكثر إثارة للاهتمام هو قدرتها على تسليط الضوء على التوجه الجديد الذي يقوده المغرب في إعادة تعريف مفهوم الأمن. المغرب اليوم، بقيادة الملك محمد السادس، لم يعد مجرد دولة تحمي حدودها، بل تحول إلى فاعل دولي يسهم في استقرار المنطقة ككل، ويعزز شراكات استراتيجية عميقة مع دول كبرى مثل إسبانيا، وذلك باعتبار أن التعاون بين البلدين في تقييم المخاطر الإرهابية في بؤر التوتر مثل منطقة الساحل والصحراء يمثل نموذجًا نادرًا للتكامل الأمني، حيث يقوم على تبادل الخبرات والقدرات والتنسيق عالي المستوى لتحييد الأخطار في مهدها.
ولم يعد هذا التعاون مقتصرًا على العمليات الاستخباراتية فحسب، بل يمتد ليشمل ملفات استراتيجية كبرى مثل تأمين الفعاليات العالمية، كما هو الحال مع كأس العالم 2030، الذي سيقام بشراكة بين المغرب وإسبانيا والبرتغال. وهي الشراكة التي تعكس كيف يمكن للأمن أن يتحول إلى عنصر أساسي في تعزيز السياسات الخارجية وترسيخ النفوذ الدولي، حيث إن المغرب، برؤية متبصرة للملك محمد السادس، وبإشراف ميداني من عبد اللطيف حموشي، استطاع المزج بين البعد الأمني والدبلوماسي ليصبح قوة استقرار يُحسب لها ألف حساب على الساحة الدولية.
وما يجعل نموذج المغرب فريدًا هو قدرته على التكيف مع التحديات المتغيرة، حيث إنه تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس، وبإشراف مباشر من عبد اللطيف حموشي، لم تكتفِ الأجهزة الأمنية بالرد على التهديدات، بل طورت نهجًا استباقيًا يعزز قدرتها على توقع الأخطار وتحقيق نتائج ملموسة في تحييدها. هذه الريادة جعلت من المغرب شريكًا دوليًا موثوقًا به في مجال مكافحة الإرهاب، وكذلك في بناء استراتيجيات طويلة الأمد للتصدي للتحديات الأمنية العالمية.
إن السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: كيف سيواصل المغرب، في ظل هذه الدينامية، تعزيز حضوره كقوة أمنية رائدة؟ وكيف يمكن استثمار هذه المكانة الاستراتيجية لدعم المصالح الوطنية سياسيًا واقتصاديًا على المستوى الدولي؟ حيث إن زيارة المفوض الإسباني، بكل ما تحمله من دلالات، تثبت أن المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، لا يكتفي بالتعامل مع التحديات الأمنية، بل يسعى لتحديد معالم الأمن الإقليمي والدولي. إنها شهادة على قدرة المملكة المغربية على الجمع بين الأمن والدبلوماسية، ووضع نموذج عالمي يُحتذى به، يرسخ مكانته كفاعل أساسي في تحقيق الاستقرار على المستوى العالمي.