-
°C
+ تابعنا

افتتاحية.. بقلم: أمين نشاط

الرئيسية ديرها غير زوينة المعطي‮ ‬منجب‮ ‬ينتقل من مؤرخ إلى “شوافة”‮ ‬ويعد معتقلين بالحرية ويتوعد المغرب بالثورة‮.. ‬في‮ ‬ظرف عام‮!‬

المعطي‮ ‬منجب‮ ‬ينتقل من مؤرخ إلى “شوافة”‮ ‬ويعد معتقلين بالحرية ويتوعد المغرب بالثورة‮.. ‬في‮ ‬ظرف عام‮!‬

كتبه كتب في 30 سبتمبر 2024 - 1:01 م

تعودنا من المعطي‮ منجب ‬أن ‬يقدم نفسه مؤرخا وباحثا في‮ ‬العلوم الاجتماعية،‮ ‬يحدث له أن‮ ‬يشتغل في‮ ‬التحليل السياسي‮ ‬وله خبرة واسعة في‮ ‬القضايا المالية‮، الخاصة والعمومية على حد سواء‮. ‬لكنه في‮ ‬آخر حوار له أجراه مع موقع “عربي‮ ‬21‮”، ‬الجريدة الإلكترونية التي‮ ‬يوجد مقرها في‮ ‬لندن،‮ ‬كشف لنا عن‮ ‬موهبة جديدة، ألا وهي‮ ‬موهبة قراءة الطالع والكف،‮ ‬والفِراسة أي‮ ‬بالعربية تعرابت علم الشِّوافَة‮!.

فقد سأله‮ محاوره عما إذا كان المغرب‮ «‬يتجه نحو انفراج حقوقي‮ ‬وسياسي‮ ‬بعد العفو الملكي‮ ‬الأخير؟ وهل تتوقعون إجراء خطوات مماثلة‮…‬؟‮،‮ ‬«فكان جوابه على الشكل الذي‮ ‬يوحي‮ ‬بأنه على علم بأسرار المستقبل،‮ ‬وأنه قرأ كف الدولة المغربية وعرف من خلال خطوطها ما سيقع‮! ‬وهكذا أطلعنا على أن «إطلاق سراح باقي‮ ‬المعتقلين السياسيين سيتم خلال الأشهر القليلة القادمة،‮ ‬وعلى أقصى تقدير خلال الـ12 شهرا القادمة،‮ ‬أي‮ ‬قبل الدخول السياسي‮ ‬القادم‮..!‬»‬

انتقل‮ ‬المعطي‮ ‬من مؤرخ إلى‮ ‬شوافة في‮ ‬رمشة عين‮، ‬وعوض أن يقرأ التاريخ الفعلي‮ ‬والحقيقي‮ ‬للمغرب، أصبح‮ ‬يجرب حظه مع… تكهن المستقبل‮!‬

والحقيقة‮ ‬البسيطة‮ ‬الأولى التي‮ ‬تجعل كهانة المعطي‮ ‬وتكهناته‮ ‬غير ذات مصداقية، هي‮ ‬أن الرجل لم‮ ‬يستطع قبل هذا الحوار أن‮ ‬يقرأ طالعه الخاص‮ به هو شخصيا،‮ ‬ولو أنه كان‮ ‬يعلم الغيب السياسي كما‮ ‬يوحي‮ ‬بذلك، لكان قد أخبرنا بالعفو عنه‮ هو نفسه… ‬بمناسبة عيد العرش‮!‬

أليس الأولى بالشوافات أن‮ ‬يعرفن مصيرهن قبل الغير، والأولى بالعرافين والشوافين والسحرة أن‮ ‬يجعلوا من أنفسهم مثالا في‮ ‬تشوافيت؟

الحقيقة أن هذا لم‮ ‬يحصل، ‬لأن الرجل الذي‮ ‬فاته درس التاريخ كان عليه أن‮ ‬يعرف بأنه لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يضرب خط الزناتي‮ ‬مع دولة المغرب‮، التي دبرت مراحل صعبة في كل تاريخها الوطني!

في‮ ‬الحقيقة لعل الأمر الأكثر إثارة بعد هاته الحقيقة البسيطة، هو كونه أطل علينا بهاته النبوءة السياسية المدنية الجنائية، في‮ ‬توقيت تزامن مع إعلان زيارة الرئيس الفرنسي‮ ‬إيمانويل ماكرون المتوقعة لبلدنا، قبل نهاية السنة الجارية!

فهل‮ ‬يكون المعطي‮ ‬قد استعمل‮ «‬كرة الكريستال» ‬الفرنسية التي‮ ‬اشتهرت بها السيدة مدام صولاي Soleil،‮ ‬العرافة الشهيرة في‮ ‬زمن مضى‮ ‬بفرنسا؟

ربما وذلك محتمل، قد‮ ‬يكون سببه الجنسية الثانية للمؤرخ الشواف المعطي‮ ‬منجب‮!‬
‮ ‬
‮ والخلاصة الأولية هي أن الرجل الذي‮ ‬لم تكن له أدنى فكرة عن العفو الذي‮ ‬تمتع به هو شخصيا‮، يسعى إلى التنبؤ في‮ ‬مسألة تهم قرارا من قرارات الدولة السيادية‮!‬ وكان عليه، ككل الحقوقيين الجديين والمناضلين العارفين بشؤون بلادهم أن يبقى في خندق المطالبة والترافع والإقناع بهكذا عفو، إذا كان يرى أنه يخدم الآخرين، وليس خدمة نفسه وتياره المنحسر في المجتمع!

فلماذا‮ ‬يريد ‬فعل ما فعل وإطلاق التنبؤات والتصريحات بالرغم من ما قلناه ‬يا ترى؟

لا شك أن الرجل من فصيلة أولائك الذين‮ ‬يريدون أن‮ ‬يوهموا الرأي‮ ‬العام الذي‮ ‬لا‮ ‬يعرفهم جيدا، الداخلي‮ ‬والخارجي على حد سواء،‮ ‬بأنهم على‮ ‬اطلاع بخبايا ما‮ ‬يجري‮ ‬ويدور،‮ ‬أنهم‮ ‬يستطيعون أن‮ ‬يضعوا للدولة المغربية جدول أعمالها السياسية وطريقة تصرفها،‮ ‬فقط لأنها تعاملت بروح إنسانية مع وضع عام‮!‬

ويريدون أن‮ ‬يستثنوا أنفسهم من منطق العفو الذي تمتع به ما‮ ‬يناهز‮ ‬4‮ ‬آلاف سجين،‮ ‬ويقدمون أنفسهم على أنهم في‮ ‬وضعية وموقع خاصين‮، ‬هذا من جهة ومن جهة ثانية‮ ‬يسعى المعطي‮ ‬منجب إلى أن‮ ‬يوهم الناس بعد سبق إصرار وترصد أن الدولة سبق لها أن قدمت وعدا حول الموضوع‮‬، وهو بذلك‮ ‬يسعى مع من هم في زمرته، إلى خلق انتظارات حادة عند المعنيين وأسرهم وعند بعض القطاعات الحقوقية والسياسية التي‮ ‬لها تقديرها الخاص لوضعية الاعتقال المذكورة في‮ ‬حواره، والتشويش على ثقتها في‮ ‬قدرة المغرب على حل مشاكلهم في‮ ‬الوقت المناسب والطريقة المناسبة‮.

‬والحقيقة أن الدولة المغربية لم تقدم أي‮ ‬وعد في‮ ‬هذا الباب ولا حددت تاريخا له‮..!‬
وهنا نصل إلى الخلاصة الموالية: من الواضح مما سبق إذن أن المعطي‮ ‬له أهداف أخرى‮ ‬وهي‮ ‬أهداف حددها في‮ ‬تنبؤات أخرى خطيرة وهي بمثابة تحريض، الغاية منه المس بالنظام العام حيث «‬تنبأ بالثورة‮ ‬في‮ ‬البلاد»!‬

‮ ‬فمن اجتهاداته المستقبلية أنه لم‮ ‬يتورع في‮ ‬القول بأنه‮ «إذا لم تتأقلم الملكية الحاكمة مع مجتمع مغرب القرن الواحد والعشرين‮… ‬فقد‮ ‬يتعرض المغرب لهزات سياسية عنيفة تعيد هيكلة المجتمع السياسي،‮ ‬بل وقلبه رأسا على عقب؛ وبالتالي‮ ‬فإما الإصلاح اليوم أو الثورة‮ ‬غدا‮»!‬

من غرائب شطحات منجب الجديدة أن الرجل الذي لا يرى جيدا بلاده وما حققته ولا يستطيع رؤية المغرب الذي يتغير باستمرار نحو المستقبل ويتقدم في المواقع الدولية بشهادة الأعداء قبل الخصوم، إنه يبني تحليلاته الفانطازية على مقدمات متوهمة من قبيل «تراجع شعبية النظام وتآكل مشروعيته!» في وقت تتقوى الجبهة الداخلية وترتفع نسبة النجاحات الديبلوماسية والتفاف الشعب حول قائده..

رحم الله كبار المؤرخين المغاربة من الذين علمونا الاعتزاز بالبلاد وسر القوة التي تسكنها منذ أزيد من 14 قرنا.. وأطال الله في عمر من بقي منهم ممن يفتخر بهم تاريخ المغرب وحاضره وسيفتخر بهم مستقبله فخرا كبيرا!

شارك المقال إرسال
تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .