خلقت زيارة ستافان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الصحراء المغربية، الكثير من الجدل طيلة الأيام التي تلت الزيارة التي قام بها إلى جنوب إفريقيا بدعوة من حكومة هذا البلد، ولم تتم استشارة المغرب ولا إشعاره بهذه الزيارة قبل تنفيذها بحكم أن جنوب إفريقيا لا علاقة لها بملف الصحراء المغربية.
فهل أخطا دي ميستورا في تنفيذ زيارته إلى بريتوريا ومناقشة ملف الصحراء المغربية مع جنوب إفريقيا؟، وهل تستوجب هذه الخطوة غير محسوبة العواقب، استقالة المبعوث الشخصي إلى الصحراء المغربية، وهل تجاوز دي ميستورا اختصاصاته كمبعوث أممي إلى الصحراء بإشراك طرف لا علاقة له بالملف؟.
هي مجموعة من الأسئلة وجهناها إلى الدكتور احمد درداري، رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات، بعدما وضع المغرب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، ستيفان دي ميستورا، في وضع حرج، و تأكد عدم استشارته للمملكة قبل التوجه إلى جنوب إفريقيا المعروفة بعدائها للوحدة الترابية للمغرب.
وفي هذا الصدد، قال احمد درداري، أستاذ القانون بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بتطوان، إن: “الأمين العام للأمم المتحدة هو من كلف دي ميستورا بملف الصحراء المغربية، وبدلا من حصر المفاوضات كما هو مسطر بين الأطراف الأربعة، والبحث عن التوافق السياسي بينها، وطي النزاع بشكل نهائي، قام دي مستورا بزيارة لجنوب إفريقيا دون الموافقة على ذلك، مما يعني أن دي مستورا اجتهد دون إعطائه الضوء الأخضر، حيث يريد إقحام دولة جنوب إفريقيا في النزاع المفتعل دون رضا الأطراف المعنية”.
وأوضح الدكتور درداري في تصريح لـ”شمال بريس”، أنه: “نظرا لكون دي ميستورا لم يستطيع تبليغ مضمون قرارات مجلس الأمن وتوجيهات هيئة الأمم المتحدة، قام بنقل الصراع خارج الحدود الحصرية للأمم المتحدة، وكأنه يرغب في توسيع دائرة النزاع من جديد بعدما أقبل على الطي النهائي، وهذا دليل على الفشل الواضح للمبعوث الخاص للامين العام للأمم المتحدة، ذلك أن دولة جنوب إفريقيا لم تأخذ استقلالها السيادي وإنهاء نظام التمييز العنصري، إلا سنة 1994 مع وضع أول دستور لها في تاريخها، وهي كانت غير ذات صلة بالموضوع قبل ذلك.”
وأضاف درداري، أن “زيارة دي ميستورا لجنوب إفريقيا هي مؤشر على فشله في جمع الأطراف الأربعة المعنية بنزاع الصحراء وعدم قدرته على إقناع الأطراف بالجلوس حول المائدة المستديرة لبدء التشاور حول تنزيل الحكم الذاتي، كمشروع سياسي مدعوم دوليا ومتوافق عليه أمميا، والذي قطع مراحل مهمة في شقه السيادي، حيث تم فتح عدد من القنصليات بكل من مدينة العيون والداخلة، إضافة إلى الاعتراف الدولي المستمر ودعم المقترح المغربي بأكثر من 90 دولة”.
وأوضح درداري، أن “الزيارة التي قام بها دي ميستورا لجنوب إفريقيا دليل على تجاوزه لرقعة البحث عن الحل، وفشله في تقريب وحصر النقاش حول النزاع المفتعل، وهروبه إلى الأمام موجب لنقض اختصاصه وسلوكه مرفوض يجب بناء عليه أن يقدم استقالته، وأن التقرير المفترض تقديمه للامين العام باطل من أساسه، لعيب في الشكل ولانعدام شرط احترام الاختصاص الحصري للأمم المتحدة ومحدودية الأطراف المعنية بالنزاع.”
وأكد الدكتور درداري، أن “إقحام جنوب إفريقيا في النزاع هو بحث عن رأي خارج علم الأمم المتحدة، ولا يمت لأطراف النزاع بصلة، وهو تغريد خارج اختصاص و اهتمام الأمم المتحدة بالنزاع”.
وعن الحاجة إلى مبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة مكلف بالصحراء المغربية في ظل تنامي التأييد لمبادرة الحكم الذاتي، أجاب درداري، أن” تنامي التأييد الدولي لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية يجب أن تطوى معه مثل هذه التدابير الإضافية، ومنها إنهاء تواجد بعثة المينورسو وأيضا إنهاء دور المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بنزاع الصحراء المغربية، بحكم أن قرارات مجلس الأمن اللاحقة تلغي السابقة، وأيضا نظرا لتناقض الإجراءات المتواصلة من شرعية القرارات الأممية الموضوعة بيد المغرب، وأن القرارات الإقليمية لا يمكنها أن تتعارض مع قرارات الأمم المتحدة، ولا يمكن السقوط في عدم أممية القرارات الإقليمية أو الدولية الانفرادية” .