يتحسس برلمانيون رؤوسهم، بعد تزامن اعتقالات، ومثول بعضهم أمام القضاء، في ملفات تتعلق بتبديد المال العام، أو بتهم أخرى.
فهل من مكر الصدف أن يتزامن إعلان المحكمة الدستورية، أول أمس (الثلاثاء)، تجريد البرلماني محمد الحيداوي، من عضويته، بعد حكم جنحي حائز لقوة الشيء المقضي به، يتعلق بإصدار شيك بدون رصيد، مع مثول برلمانيين آخرين أمام القضاء، ويتعلق الأمر بـ”السيمو” الذي استنطق إعداديا، في اليوم نفسه، من قبل قاضية التحقيق المكلفة بجرائم الأموال بالرباط، وقبل يوم فقط عن الواقعة، مثل البرلماني أحمد التويزي أمام قضاء جرائم الأموال بمراكش.
إذا أضفنا إلى هذه الأحداث، واقعة الرؤوس الكبيرة التي سقطت بالبيضاء، ومن بينها عبد النبي بعيوي، رجل الأعمال ورئيس جهة الشرق، وسعيد الناصري، البرلماني ورئيس مجلس عمالة البيضاء، المتابعان في حالة اعتقال بالبيضاء منذ الجمعة الماضي، بجرائم أخطر، سنجد أن الأسبوع الأخير من 2023، حمل أخبارا غير سارة للسياسيين، بل شكل بداية لسقوط عدد منهم، بتفعيل القانون في حقهم.
وسيشهد عدد البرلمانيين والسياسيين المطلوبين في قضايا فساد مالي وإداري أو في جرائم غير مرتبطة بأدائهم السياسي، ارتفاعا، في الأيام المقبلة، ومع مطلع السنة الجديدة، سواء تعلق الأمر باختلالات تدبير الشأن العام المعروضة على البحث والتحقيق، أو بالنظر إلى التوقعات التي أملتها، الأربعاء الماضي، ملابسات إحالة زينب العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، 18 من القضايا ذات الصبغة الجنائية، على رئيس النيابة العامة، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، لاتخاذ المتعين بشأنها وفق المساطر الجاري بها العمل، والمتعلقة بمرحلة التدقيق خلال الفترة ما بين يناير 2022 وأكتوبر 2023، وفق ما كشفه التقرير السنوي للمجلس.
وشكل المتابعون من رجال البرلمان أمام القضاء، في 2023، طفرة نوعية، سيما بعد اعتقال مبديع، الوزير السابق والرجل القوي في الفقيه بنصالح، الذي كان قاب قوسين أو أدنى من تولي رئاسة لجنة التشريع بالبرلمان، قبل أن تحكم عليه الظروف ويجد نفسه أمام الوكيل العام للملك بالبيضاء، مطلوبا في ملف اختلاس وتبديد أموال عامة، بعد أن تخلف عن الحضور مفضلا تأجيل استدعاءات استنطاقه بشهادة طبية مزورة، ليتفرغ لحملة منصب اللجنة البرلمانية، التي حصد في انتخاباتها مجموع أصوات زملائه البرلمانيين، بلغ 250 من أصل 255.
لم يعد حصد الأصوات أو تقلد المهام السياسية، في دولة اليوم، يحصن أحدا من المتابعة، فالدولة ماضية في ما قطعته على نفسها من ربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، ويبدو أن القادم يحبل بمفاجآت عنوانها العريض “جميع المغاربة سواسية أمام القانون”.