دعا عدد من رواد منصات التواصل الاجتماعي إلى التدخل السريع من أجل منع المؤثرين من الوصول إلى المناطق المتضررة من “زلزال الحوز”، بسبب إقدام بعضهم على تصوير الأطفال الضحايا واليتامى ونشر صورهم عبر مختلف التطبيقات بشكل يسيء إليهم ويستغل طفولتهم في ظرف خاص من شأنه أن يترك تراكمات نفسية جسيمة لديهم.
وتعالت الأصوات المنادية بإيقاف “المهزلة” التي تسبب فيها مؤثرون مغاربة، يتابعهم الملايين، شدوا الرحال إلى المناطق المنكوبة من أجل تقديم المساعدات للمتضررين فإذا بهم يستغلون الأطفال بطريقة غير إنسانية ويحولونهم إلى محتوى رقمي عبر صفحاتهم دون مراعاة لما يمرون به من ألم وخوف.
في هذا السياق، قالت هاجر مجبر، خبيرة تربوية: “في الحياة اليومية العادية، عندما يرافق البالغون الأطفال لا تكون لديهم أي سلطة أو قدرة على تصوير القاصرين دون موافقتهم ورضاهم، لأن هذا يدخل في حيز الحياة الشخصية التي لا يمكن اختراقها”، مضيفة أن المغرب الآن يعيش حالة خاصة، تتعلق بكارثة طبيعية ومأساة وفاجعة على إثر زلزال الحوز، رافقها انتشار مجموعة من صور الأطفال عبر مواقع التواصل الاجتماعي تشكل خطرا عليهم.
وتابعت هاجر، في تصريح لها، بأن “لهذا الأمر انعكاسات خطيرة على نفسية الأطفال، فما يتعرضون له من خلال تداول صورهم دون علمهم في العالم كله ستلاحقهم طيلة حياتهم، يمكن أن يؤدي إلى فقدانهم الثقة في النفس أولا”، شارحة بأن الطفل “يحسب نفسه كسلعة وبضاعة وليس إنسانا بمشاعر وكرامة”، ثم “فقدان الثقة في محيطهم والمجتمع، ويمكن أن يشوه ذلك فكرهم بأن محيطهم مخيف وفيه خطر عليهم كأطفال ليس لديهم سلطة لإيقاف هذا التصرف”.
وأبرزت المتحدثة أن “الطفل في داخله لا يريد أن يتم تصويره، لكنه لا يستطيع أن يعلن ذلك؛ لأن عليه سلطة من الآخر وخوفا من أن يتعرض للعقاب أو الغضب عليه، فتصبح هناك علاقة ابتزاز عاطفي”، مشددة على أن “ذاكرة الطفل لا يمكن الاستهانة بها، فهي تحتفظ بهذه الصور التي تطورها وتبني عليها علاقات واعتقادات يمكن أن تدمر شخصية الطفل عندما يكبر”.
وتطرقت الخبيرة التربوية ذاتها لنقطة أخرى اعتبرتها أهم مما سبق، هي “الكرامة”، موردة: “كيف لطفل في فاجعة فقد والديه وجميع المقربين منه، يأتي شخص ليعطيه لعبة مهما كانت قيمتها لن تضاهي قيمة الكرامة التي كرمه بها الله سبحانه وتعالى”، بحسب تعبيرها.
وأشارت كذلك إلى خطر آخر يتمثل في كون تلك الصور “قد تقع في أياد غير صالحة مثل شبكات البيدوفيليا والاتجار بالبشر والتسول، وهؤلاء ليس في قلوبهم رحمة فيجدون في هؤلاء الأطفال فرصة ينتهزونها لغايات مالية وغيرها، لذلك لا يجب السقوط في فخ تصوير الأطفال من أجل تقديم المساعدات”.
وقالت المصرحة إن “متلازمة السليفي” التي بتنا نشهدها عبر منصات التواصل الاجتماعي، تعبر عن “النرجسية والأنا”، وذلك من خلال استغلال صور أطفال أبرياء تجلب تعاطف جميع الأشخاص البالغين لإظهار أن الشخص يقدم المساعدة، داعية إلى “التفكير جيدا قبل حمل الهاتف لتصوير الأطفال؛ لأن تلك الصور يمكن أن تشوه وجهات نظرهم حول أنفسهم والآخر والعالم بأكمله”.
كما نصحت هاجر مجبر بـ”عدم الضغط على الأطفال بذكريات أليمة؛ لأنهم لن يتذكروا ما تم منحه لهم لكنهم سيتذكرون الإهانة التي تعرضوا لها”، حاثة البالغين على أن “يكونوا حكماء في تصرفهم ويحموا تطور الأطفال ونضجهم واكتسابهم المهارات الحياتية، منها التواصل والثقة في النفس وحب الآخر والتعاطف بطريقة سليمة”.
جدير بالذكر أن اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه رصدت مجموعة من المنشورات المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي في سياق حملات ومبادرات تضامنية مع ضحايا زلزال الحوز، تتضمن مضامين مسيئة خاصة بفئة الأطفال والنساء الضحايا.
وقالت اللجنة إنها قامت، بموجب الاختصاصات التي تضطلع بها، بإحالة هذه الحالات المرصودة على السلطات الأمنية والجهات القضائية المعنية لاتخاذ المتعين، وأهابت بالجميع التبليغ عن كل الحالات المحتملة للاتجار بالبشر التي تم رصدها على الرقم الأخضر للتبليغ عن الضحايا المحتملين للاتجار بالبشر: 0800004747، الذي وضعته رهن إشارة العموم لهذه الغاية.
منال لطفي