لا حديث في الشهور الأخيرة إلا عن اللقاح المضاد لفيروس «كورونا»، بعد أن تسلل اليأس إلى القلوب، وسئمت النفوس من الحجر والطوارئ والمعقمات والكمامات، وبعد أن سجلت نسب الإصابات ارتفاعا غير مسبوق، ولم تعد الأمور تبشر بأي خير.
لقاح «كورونا» هو جرعة الأمل الوحيدة المتبقية للتخلص من هذا الوباء الذي انتشر بالمغرب وعبر العالم، وشل الاقتصاد وتسبب في مآس اجتماعية، من أجل العودة إلى حياة طبيعية لن تكون أبدا مثل السابق، لأن الفيروس سيترك من المؤكد مضاعفاته الجسدية والنفسية على الناس.
إنه الحل الوحيد لهذا السم الذي دخل عالمنا على حين غفلة، وقلب «سفاه على علاه».
وقد شكلت أخبار دخول المغرب في تجارب سريرية لتطوير اللقاح الصيني، وحصوله على الجرعات الكافية منه، فسحة أمل كبيرة بالنسبة إلى المواطنين، الذين أصبح جديد اللقاحات الصينية والأمريكية والروسية والألمانية وغيرها، شغلهم الشاغل، حتى أنهم أصبحوا يفهمون في الجينومات والميكروزومات والجراثيم، وكأنهم خريجو أعتى مختبرات البحث الدولية، في حين ما يزال أصحاب نظرية المؤامرة، أسرى الشكوك والتأويلات و«الفهامة» المجانية، ومصرين على أنهم لن يقوموا بإجراء هذا اللقاح حتى ولو توفر، لأنهم وحدهم يفهمون كواليس اللعبة.
وإذا كان المواطنون المغاربة يتتبعون أخبار اللقاح عبر النشرات الإخبارية والأفلام الوثائقية و»الفيديوهات» التي تصلهم عبر تطبيق «واتساب»، فإنهم لا يعرفون الكثير عن التجارب السريرية التي دخلها المغرب، ولا عن المتطوعين وكيفية اختيارهم ومعاييره، ولا عن القوانين المنظمة لهذه العملية.
لم يخبرهم أحد أيضا لماذا اختار المغرب اللقاح الصيني دون الروسي مثلا ؟ ولماذا لم ينتظر المغرب اللقاح الأمريكي ؟ كما أنهم يجهلون كواليس الصفقة التي انعقدت بين الوزارة الوصية والمختبر الصيني والشركة المعلومة، لذلك، ربما، يكتفون بنقاشات «فيسبوكية» حول هذا اللقاح، تختلط فيها الحقائق مع الخيال والأساطير.
في هذا الصدد، محاولة لفهم عديد الأمور حول اللقاح المضاد لفيروس «كورونا»، يجب علينا العودة إلى تاريخ المغاربة مع «الجلبة» منذ عهد الاستعمار، وكيف كانوا ينظرون إليها دائما نظرة توجس. وفي النهاية تأكدوا أنها كانت في مصلحة المواطنات والمواطنين.