كثر الحديث في الأشهر الأخيرة عن الأوضاع بإقليم الحسيمة وبرز إلى السطح واقع تنفيذ وإنجاز ما تضمنه مشروع الحسيمة منارة المتوسط. فما هو هذا المشروع؟
بتاريخ 17 أكتوبر من عام 2015، أشرف جلالة الملك محمد السادس من حاضرة الحمامة البيضاء- تطوان، على إطـــلاق البرنامج التنموي الرائد لإقليم الحسيمة كأحد الأقاليم الذي أصبح يجاور كلا من طنجة وتطوان بناء على التقسيم الجهوي الجديد لعام 2015.
البرنامج تضمنته إشارة وردت في الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس في ال 25 مارس من عام 2004 بمدينة الحسيمة: “ومن منطلق منظورنا الاستراتيجي للقضايا الكبرى للأمة، فقد أصدرنا تعليماتنا للحكومة، قصد الإنكباب الفوري، على إعداد مخطط تنموي مندمج وهيكلي، على المدى المتوسط والبعيد من أجل تأهيل إقليم الحسيمة، وإعمار منطقة الريف. وسنقف شخصيا، سواء من خلال المتابعة الموصولة، أو الوقوف في عين المكان، على حسن إنجاز البرنامج الاستعجالي، واعتماد المخطط المتوسط والبعيد الأمد، الكفيل بجعل منطقة الريف، التي نوليها عنايتنا الفائقة، قطبا للتنمية الحضرية والقروية، في جهة الشمال، مندمجا في النسيج الاقتصادي الوطني”.
برنامج التنميــــة المجالية للحسيمة 2015- 2019، المولود الذي أطلق عليه اسم “الحسيمة، منارة المتوسط”، يشكل في اللحظـــة الراهنة بحق أجوبة “استباقيـــة” لعدد من التساؤلات التي تطرحها ساكنة الإقليم منذ اندلاع مسلسل الاحتجاجات أواخر أكتوبر 2016 عقب فاجعة الراحل محسن فكــــري، أجوبة لمطالب اقتصادية واجتماعية لساكنة بلغ عددها 399654، من بينهم 262 250 يعيشون في العالم القروي، و 137 168 بالعالم الحضري (حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى لعام 2014)، ويتوزعون على 5 جماعات حضرية و35 جماعة قروية.
البرنامج يأتي كذلك في إطار التخفيف من تهميش وإقصاء امتد لسنوات طويلة، بإقليم له خصوصياته التاريخية والجغرافية، وكانت له تبعات وخيمة على ساكنة الإقليم، خصوصا إذا علمنا أن اقتصاد المنطقة كان يقوم في وقت سابق على: الصيد البحري والهجرة.
فبالنسبة للصيد البحري شكل هذا الأخير عصب الدورة الاقتصادية- الاجتماعية بالنظر إلى أنه كان يخلق حوالي 30000 منصب شغل مباشر، ما بين صيادين على المراكبـ، وعمال الميناء، والعاملات في معامل تصبير السمك (أزيد من 5000 عاملة)….، إلا أن هذا الأخير تراجع منسوب إسهامه بشكل فضيع في السنوات الأخيرة أدى إلى فقدان آلاف مناصب الشغل مع تراجع الإنتاج السمكي واضطرار العديد من المراكب إلى اختيار وجهات أخرى غير سواحل أخرى، وإغلاق معامل التصبير أبوابها، حتى أصبحنا نتحدث عن 1000 منصب شغل فقط في الوقت الحالي بالكاد يستطيعون تدبير شؤونهم اليومية.
وفيما يتعلق بالهجرة، فمن المعلوم أن العديد من أبناء المنطقة هاجروا في وقت سابق إلى عدة أقطار أوربية (الجيل الأول، والجيل الثاني) وشكلت الهجرة مصدر رزق لهم وإعالات الآلاف من أسرهم المتواجدة بإقليم الحسيمة، إلا أن الأزمة الاقتصادية العالمية لعام 2008 أثرت بشكل كبير على هؤلاء المهاجرين وخصوصا منهم الأبناء (الجيل الثالث….)، ومنهم من عاد بشكل نهائي من أرض المهجر إلى أرض الوطن بالنظر إلى استحالة العيش هناك وأصبح بالمقابل عالة على أسرة كان سابقا يعولها .
استثمارات بقيمة 6,515 مليار درهم هي القيمة المالية للبرنامج الذي يستجيب للحاجيات الاقتصادية والاجتماعيـــة المذكورة، على اعتبار أنه اعتمــــد آلية قائمة على أساس تنسيق عملية التدخلات العمومية بشكل أفقي- التقائي، ومواكبة مختلف أشكال النمو الذي شهده الإقليم على المستويين الحضري والديمغرافي، وتقوية حضوره اقتصاديا وفك العزلـــة عنه في التواصل مع باقي الأقاليم والجهات، وتحسين شروط عيش الساكنة بتمكينهم من فرص حقيقية للتعليم والشغل وولوج الخدمات الصحية والمرفقية المختلفة، داخل فضاء بيـــئي يحترم المعايير المتعارف عليها.
البرنامج الذي أعد في إطار تنفيذ التعليمات الملكية عقب الزلزال الذي ضرب الحسيمة (فبراير 2004) يهدف أيضا وحسب كلمة ألقاها إلياس العماري رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة خلال إعطاء انطلاقته (أكتوبر 2015) إلى تنمية الوسطين الحضري والقروي للإقليم، وكذا تعزيز المكتسبات والإنجازات المحققة منذ الخطاب الملكي التاريخي لـ25 مارس 2004 بالحسيمة، مستدلا في هذا الصدد بإنجاز المراكز الاستشفائية المتخصصة، وبناء مطار الشريف الإدريسي، وتهيئة منطقة صناعية، وإنجاز عدد من المشاريع الاجتماعية، الموجهة بالأساس للشباب والفئات الهشة. وكان العمـــاري قد عبر عبر عن الالتزام الكامل لجهة طنجة تطوان الحسيمة بتفعيل رؤية الملك المتعلقة بالجهوية المتقدمة، والتي تروم تقليص الفوارق الترابية، وتكريس اللامركزية وقيم التضامن.
المشاريع المتضمنة في البرنامج تهم: التأهيل المجالي، النهوض بالمجال الاجتماعي، حماية البيئة، تقوية البنيات التحتية، وتأهيل المجال الديني، مقسمة على 14 محورا وفق الشكل التالي:
المحـــــــــــــــــــــور: |
التكلـفة المالية (مليون درهم) |
|
434 |
|
20 |
|
380 |
|
1011 |
|
251 |
|
450 |
|
65 |
|
300 |
|
118 |
|
1305 |
|
880 |
|
230 |
|
92 |
|
50 |
المجمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوع: 5586 |